مشكلة تنمية المدينة المتوسطة بالمغرب - مدينة الخميسات نموذجا - فؤاد بلحسن






باحث في التدبير العمومي

belahcenfouad@gmail.com




تهدف هذه الورقة إلى عرض تشخيص للمشاكل الحضرية والسوسيو-اقتصادية التي تعيشها مدينة مغربية متوسطة، وهي مدينة الخميسات؛ وذلك استنادا إلى منطلقات تستحضر بعض الأطر النظرية في هذا المجال [ معياري «الجودة الحضرية» و «التنافسية الاقتصادية» وبراديغم «الحكامة»] وبعض التقنيات المتعلقة بالتدبير المحلي الحديث [التخطيط الاستراتيجي، المقاربة التشاركية،...].
مدينة الخميسات؛ كجماعة حضرية (بلدية)؛ مدينة حديثة نسبيا؛ فلا يزيد عمرها عن 100 سنة[1]. وهي مدينة متوسطة الحجم[2]، يبلغ عدد سكانها، بحسب نتائج الإحصاء العام الأخير، 131542 نسمة (131474 مغربي و 68 أجنبي)، ويصل عدد الأسر فيها إلى 32066 أسرة[3].
وباعتبارها عاصمة لإقليم واسع المساحة؛ إقليم الخميسات؛ فإنها تتفاعل مع محيط يتداخل معها إداريا وسوسيو-اقتصاديا يضم حوالي 410679 نسمة (بدون احتساب الخميسات المدينة)[4]. كما أنها تتفاعل مع منطقة واسعة (غرب ووسط المغرب) تضم العديد من الحواضر الكبرى والعواصم الجهوية - إن لم نقل أهمها على الاطلاق – وهي الرباط (على بعد 86 كلم)، سلا (80 كلم)، القنيطرة (80 كلم)، مكناس (55 كلم)، الدار البيضاء (176 كلم) وفاس (120 كلم). والملاحظ أن المدينة تتموقع في نقطة وسط بالنسبة لهذه المدن.
وإذا انتقلنا من الجغرافيا إلى تقسيم التراب الوطني وأبعاده السوسيو-اقتصادية، سنجد أن تراب جهة الرباط-سلا-زمور-زعير، كان مقسما إلى مجالين: الشريط الساحلي المـعمَّر بشكل قوي بفضل التجمعات الحضرية (الرباط، سلا، الصخيرات، تمارة)، والمجال القاري المكون في معظمه من المجالات القروية التابعة لإقليم الخميسات[5]. وهو الأمر الذي لم يتغير مع التقسيم الجديد (جهة الرباط-سلا-القنيطرة)؛ حيث، وكما يُـؤكد الباحث محمد بهضوض، «ظلت نفس البنية قائمة؛ وهي وجود مدن ساحلية (الصخيرات، الرباط، سلا، القنيطرة) ومدن داخلية شبه قروية (الخميسات، تيفلت، سيدي سليمان، سيدي قاسم ومشرَع بلقصيري) ومجالات قروية واسعة ضعيفة التجهيز والاستغلال[6]».
وقـبل الدخول في تقييم الفرص والتحديات التي يطرحها موقع المدينة داخل الجهة الترابية التي تنتمي إليها أو داخل المنطقة الأوسع المحيطة بها، يمكن التأكيد، أولا وقبل أي شيء آخر، أن هذا الموقع الموجود وسط مدن كبرى وفي طريق مواصلاتها، لا شك أخضع المدينة لتفاعلات وتأثيرات قوية، إيجابية وسلبية، ساهمت في رسم ملامح واقعها الحالي وستساهم، باستمرار، في تشكيل مستقبلها ووعيها به.
وما يثير الدهشة في تاريخ تدبير المدينة، هو أنه، وبالرغم من كل التحديات التي كانت مطروحة أمام هذه المدينة والانتظارات التي سجلتها الساكنة المحلية، لم يجر وضع خطط استراتيجية لتنمية المدينة ولا تخصيصها ببرامج تأهيل كبرى، كما أنه لم يجر تغطيتها بصورة دائمة بتصاميم للتهيئة العمرانية أو بمخططات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهكذا ظل التفكير الاستراتيجي في شؤونها الحضرية والانمائية متقطعا وتتخلله العديد من مظاهر العجز على مستوى الحكامة من جانب والمعارك السياسية الشرسة وغير المثمرة من جانب آخر. ولهذا بقيت مختلف التدخلات العمومية، وبالموازاة معها مبادرات الخواص والمجتمع المدني، تفتقر إلى الالتقائية والتصور الشمولي لمستقبل المدينة، كما أنها افتقرت إلى الفعالية والوقع السوسيو-اقتصادي المأمول. بل هناك توجه مهم في الرأي العام يؤكد على فكرة «تراجع المدينة على أكثر من مستوى مقارنة بسابق عهدها».
كل هذه الأسباب دفعت البعض – مثقفين، فاعلين في المجتمع وباحثين - إلى التساؤل، حول ما إذا كان تطور المدينة يدفع في اتجاه نسج ثقافة حضرية متمحورة حول اليأس؟!
صاغت الأمم المتحدة مفهوما يجمع بين قوة التعبير ومأساة الواقع، وهو يصلح إلى حد كبير لوصف المسار التنموي لمدينة الخميسات: «تحضر دون تنمية». فهذه المدينة تبدو منخرطة في ثقافة الألفية الثالثة من خلال ثقافتها الاستهلاكية وشبكتها المعلوماتية واستقلالها في تدبير شؤونها ومواضيع نقاشها العام وتطلع شبابها، لكنها في نفس الوقت تعيش على إيقاع هزالة الانتاج العام وغياب التصنيع والبطالة والفقر وضعف البنية التحتية وبَشاعة المشهد الحضري ونقص جودة الخدمات العامة وغيرها.
في ضوء هذه العناصر، ما هو التشخيص والتحليل الذي يمكن أن نضعهما لهذا التحضر البعيد عن التنمية؟
لنركز على 3 محاور أساسية:
أولا. الدينامية الحضرية،
ثانيا: التنمية السوسيو-اقتصادية، وَ
ثالثا. نجاعة التدبير.

*     *     *     *

أولا: الدينامية الحضرية:
يرتبط النمو الحضري للمدينة بدرجة أساسية بالنمو الديمغرافي (تزايد عدد السكان وحركة الهجرة القروية[7]) وبالأنشطة العقارية (تجزئة الأراضي، بناء المجموعات السكنية، تقسيم العقارات وأعمال البناء عموما[8]).
وقد ارتفع عدد سكان المدينة بين 1982 و 2014 بحوالي 223 %. وذلك على الشكل التالي: 1982: 58 925 نسمة[9]، 1994: 88 839 نسمة[10]، 2004: 105088 نسمة[11]، و2014: 131542 نسمة[12].
وبينما لا نتوفر على معطيات رسمية و/أو علمية بشأن حجم الهجرة القروية إلى داخل المدينة، فإننا لا نتوفر أيضا على معطيات بشأن حجم الهجرة إلى خارج المدينة (سواء الهجرة داخل الوطن أو إلى خارجه)[13].
وعموما، أفرزت الزيادة المطردة في عدد سكان المدينة حاجيات جديدة على عدة مستويات (البنية التحتية، السكن، الخدمات العمومية، والشغل،...). فعلى مستوى السكن مثلا، نعاين بشكل لافت التجزئات العقارية المحدثة على امتداد العقود الأخيرة وكذا حجم التوسع العمراني الذي طرأ وما يزال في أطراف المدينة والذي أنتج أحياء عديدة وتعميرا متباينا ومشاهد مختلفة، بل وراكم ثقافة حضرية جديدة.
ومع ذلك، يمكن القول أن حجم هذا النمو الحضري كان محدودا؛ وذلك بالنظر إلى تواضع حجم النمو الديمغرافي مقارنة مع مدن أخرى قريبة (سلا مثلا) من جهة، ومن جهة أخرى إلى عدم تأثر المدينة بالزيادة الكبيرة في عدد سكان الحواضر الكبرى المحيطة وأزمة السكن التي عَرفتها هذه الحواضر خلال الثلاثة عقود الأخيرة (على وجه الخصوص: سلا، القنيطرة، الرباط ومكناس). فقد امتصت الجماعات الترابية الأخرى المنتمية للإقليم والقريبة من هذه الحواضر هذه الانعكاسات (عين جوهرة وسيدي علال البحراوي بالنسبة لسلا والرباط والقنيطرة / الصفاصيف بالنسبة لمكناس[14]).
وبالرغم من أن المدينة تتموقع في قلب النظام الحضري المغربي - والذي حددنا أهم عناصره آنفا، وبالرغم من تاريخ طويل من تجارب التدبير البلدي، وبالرغم من حجم المدينة الذي جعلها تعيش على إيقاع تحديات بالجملة، ظلت هذه المدينة تنمو في غياب أطر استراتيجية متوافَقٍ بشأنها ومعترف بها. فقد تمت المصادقة على آخر تصميم تهيئة خاص بالمدينة في 19 يناير 1986، وحين نــفَذَت صلاحيته بتاريخ 29 يناير 1996، ظلت الجماعة، وإلى الآن، تفتقر لتصميم تهيئة جديد ومصادقٍ عليه من قبل السلطات المختصة. فقد فشلت كل المحاولات التي جُربت، خاصة خلال الـ 15 سنة الأخيرة، لإعداد تصميم جديد؛ حيث انتهت كل مشاريع التصاميم الـمـُــعَـدَّة إلى الموت المبكر في دهاليز البيروقراطية الإدارية: ففي الولاية الجماعية 2003-2009، وعلى الرغم من قيام البلدية بكل ما هو مطلوب منها قانونا، لم تجر المصادقة من قبل السلطات المختصة على مشروع تصميم التهيئة الـمُـعَـد. ثم أُعِـد مشروع جديد في ولاية الرئيس الأسبق، خلال الولاية الجماعية 2009-2015، غير أنه عَـرَف عرقلة كبيرة أدت إلى إجهاضه. وبعد حوالي 6 أشهر على ذلك، وفور إقالة عامل الإقليم - الذي عُـدَّ، من قبل خصومه، المصدر الرئيسي لهذه العرقلة - بَـثَّت الأغلبية المجلسية الروح في هذا المشروع الأخير وطرحته للنقاش مجددا. وعقب التصويت عليه بالإيجاب، دفعته للسلطات المختصة قصد المصادقة. غير أن المصداقة لم تتم.
وبالتالي، فإن النمو الحضري للمدينة غير المخطط له وغير المنضبط لاستراتيجية تعميرية محددة، أفرز العديد من الاشكالات الحضرية التي عرقلت، إلى جانب عناصر أخرى سنعود إليها لاحقا، مسيرة تنمية المدينة، وبالتالي حال دون تشكل مدينة عادلة ومنسجمة وجميلة، أي دون تحقيق نظام حضري محلي ذي جودة.
ويمكن حصر أهم مظاهر هذه الاشكالات الحضرية في التالي:
مشهد حضري مشوه وغير متجانس: سجل المجلس الأعلى للحسابات، في معرض تدقيقه لأداء المجلس الجماعي، أن الأحياء العشوائية بالمدينة تَشغل حيزا كبيرا من المشهد الحضري للمدينة؛ إذ قدَّر أن هذه الأحياء تمثل ما يناهز 60% من المجال الحضري. حيث نشأت، وعلى مر السنين، هذه الأحياء العشوائية بسبب بناء مساكن ببقع أرضية نتجت عن تقسيم عقاري غير قانوني وغير مُراقَب[15]. وقد ساهم، بحصة لا بأس بها، في تكريس هذا الوضع، ضمُّ، سنة 2009، حوالي 7 أحياء للمدار الحضري للمدينة بعد أن كانت في السابق تابعة للجماعتين القرويتين سيدي الغندور ومجمع الطلبة.
والملاحظ أن المدينة، في ما يخص تطور مشهدها الحضري، تُـسجل مفارقة عميقة. حيث سَـجَّـل عدد التجزئات المرخَّصة تراجعا هاما بين سنتي 1979 و 2012 في وقت عرف فيه عدد الساكنة ارتفاعا في نفس الفترة! [16]. وهو ما أدى – كنتيجة طبيعية – إلى تكاثر الأحياء العشوائية لسد جزء كبير من الطلب على السكن.
وأكثر من هذا، نجد أن المجلس الجماعي، إما رضوخا لإرادة المنعشين العقاريين وإما تواطؤا معهم، قام بتسلُّـم بعض التجزئات قبل انتهاء أشغال تجهيزها من قبل المجزئين. فمثلا، هذا هو حال تجزئة الأمانة (رسم عقاري 28230/16)؛ حيث بادر المجلس الجماعي إلى التسلم المؤقت لأشغال التجهيز بهذه التجزئة دون أن ينجِـز المجزِّء الأشغال المتعلقة بالتهيئة وفـتْـح الطرقات وشبكة الصرف الصحي والكهرباء والماء الشروب كما يقضي بذلك القانون 90.25 [المواد من 23 إلى 26]. هذا بالإضافة إلى فشله في تحقيق أهداف مجموعة من الاتفاقيات التي رمت إلى تجديد النسيج الحضري لبعض الأحياء من خلال عمليات إعادة هيكلة بعض الأحياء العشوائية [حي الفرح 2 مثلا] أو من خلال تزويد بعضها بالطرق [كالأحياء التي أعادت الوداديات هيكلتها]  أو من خلال محاربة دور الصفيح في أحياء أخرى [حي السعادة مثلا] ، بشراكة مع شركة عمران على وجه الخصوص[17].
تمركز الخدمات والمنافع: تسجل المدينة تمركزا كبيرا للخدمات والمنافع في محور حي السلام-حي ليراك. حيث يظهر أن معظم الإدارات العمومية ومحلات التسوق والمناطق الخضراء ونقط الالتقاء الرئيسية متواجدة في هذه المساحة التي لا تزيد عن كيلومتر مربع واحد. بينما تفتقر باقي الأحياء إلى الكثير من هذه العناصر. زيادة على ذلك، تشهد الأحياء المتواجدة في الأطراف نقصا ملحوظا ومتفاوتا – تارات حادا وتارات أخرى ضعيفا– في درجة تجهيزها؛ الأمر الذي أثر سلبا - وما يزال - في الوضع المعيشي للساكنة التي تقطنها. ونذكر على سبيل المثال الأحياء التالية: عين الخميس، الكرامة، دوار الشيخ، دوار جديد، الياسمين 2، البويرات، آيت طلحة، السعادة، أحفور المعطي، وغيرها. بل إنه حتى الأحياء التي توجد على مسافة أقرب من مركز المدينة تشهد ضعفا حادا في التجهيز إذا ما قارناها مع أحياء أخرى بعيدة عن هذا المركز. فمثلا، إذا قارنا حي الياسمين البعيد نسبيا عن حي المنظر الجميل الأقرب منه إلى مركز المدينة، نجد أن هذا الحي الأخير يفتقر إلى تجهيزات وخدمات أساسية كالطرقات المعبدة والإنارة والأمن. ولعله من الطرائف أن يكون هذا الحي المسمى بـ "المنظر الجميل" يفتقر بصورة شبه تامة للإنارة العمومية، ما يؤهله لتشكيل فضاء مناسبا للجريمة[18].
وعموما، وبدون مبالغة، تفتقر أغلب أحياء المدينة إلى التجهيز المناسب ومرافق القرب الضرورية. فمثلا، لا يمكن الحديث في هذه المدينة عن وجود مكتبات الأحياء أو دور شباب الأحياء أو مراكز التكوين المهني الخاصة بالأحياء، أو ملاعب الأحياء أو مراكز الترفيه الخاصة بالأحياء وغيرها من الأساسيات الحيوية التي من شأنها تلبية حاجيات أولية لدى الساكنة.
مركز جذاب وأطراف متداعية: من الإيجابيات التي ما تزال تحتفظ بها المدينة وجود مركز حضري يلتقي فيه الجميع ويفترقون ويشكل قلب المدينة النابض. وهو ما يساهم في تشكيل الوعي العام المحلي وتحقيق التبادل والتواصل الاجتماعيين بين مختلف الشرائح الاجتماعية للمدينة باختلاف مناطق إقامتهم. وهو، بلا شك، أمر حيوي، من جهة، بالنسبة لسكان المدينة ولتصورهم لذاتهم العامة ومن جهة أخرى بالنسبة لوحدة المدينة. وبالتالي وجب الاحتفاظ بهذا المركز. لكن، في نفس الوقت، يلاحظ أن مدينة الخميسات، وعلى غرار أغلب المدن المتوسطة والحديثة النشأة، تفتقر لهوية حضرية متميزة؛ فلا شيء في المدينة يقول أننا في مدينة اسمها «مدينة الخميسات» «ذات طابع حضري خاص كذا...» على غرار بعض المدن المتميزة الأخرى (إفران و شفشاون مثلا). فالمدينة تتمدد بدون تفكير استراتيجي في روحها الجماعية وجمالها وانسجامها وتبادلات عناصرها الوظيفية والعلاقات المفترضة بين أحيائها. فبقدر ما يشكـل مركزها مَصدرا لـِــــمنــح معنىً عاما لوجودها ونقطة جذب للساكنة– سواء للتبضع أو للترفيه أو للتنقل أو للتنزه أو للالتقاء – يجري، بالمقابل، إفراغ الأحياء المحيطة من دورها الحيوي كحاضن لثقافة التضامن والمبادرات الجماعية. فالأحياء المحيطة التي تفتقر للتجهيزات الأساسية يـنْسَل القاطنون بها، صباحا ومساءا، في اتجاه المركز ليسُدوا حاجاتهم من السلع والخدمات والتسلية. ولهذا، نجد أن أغلب الأحياء تحولت إلى "مقابر للنوم" فوْرَ عجزها عن أن تكون فضاء للعيش والتبادل. نعم لقد تعددت مركزيات المدينة بسبب تشتت أحيائها في الاتجاهات الأربع، لكنها مركزيات، تقريبا، بلا روح.
وفي الوقت الذي يحتفي العالم بالموروث (التراث المادي واللامادي على السواء)، نجد أن المجلس الجماعي والمجلس الإقليمي وكذا المجلس الجهوي ظلوا في معزل عن هذه الانشغالات الحيوية. فلم تُسجِّل المدينة أي بادرة بشأن الاحتفاء بتاريخ إعمارها الخاص؛ فكأن المدينة أُحدثت دفعة واحدة وفي تاريخ واحد! فلا شيء يُــبَـين ويُـذَكِّــر المار أو الزائر بأن هذا الحي مضى على إعماره أزيد من 70 سنة بينما ذاك أُنشأ خلال الخمس سنوات الماضية. فلا تكاد ترى ولا مأطورة واحدة (لوحة إخبارية) تُشير إلى تاريخ هذا المكان أو ذاك أو أهمية هذا البناء أو ذاك. نعم، لا تتوفر المدينة على معالم أثرية ضاربة في التاريخ أو رموزا معمارية كبرى، ولكن هذا يُعد سببا إضافيا للاحتفاء بما هو موجود. وباختصار، لا تحظى الأنسجة القديمة بما يكفي من العناية والتثمين، وكذلك هو الحال بالنسبة لذاكرة المكان.
مدينة قليلة المجالات العمومية: في الوقت الذي يتوفر مركز المدينة على بعض المساحات الخضراء الواسعة والشوارع الكبرى، تظل باقي الأحياء تفتقر إلى ذلك. فباستثناء ساحة المسيرة بحي التقدم وساحة الحسن الأول بحي السلام، ينعدم وجود مساحات كبرى أخرى في باقي الأحياء. ولهذا نرى أنه بين الفينة والأخرى، وبغرض سد هذا النقص الفادح، يجري تخصيص قطعة أرض صغيرة هنا أو هناك من أجل إنشاء مساحة خضراء صغيرة هنا أو هناك ضعيفة التجهيز ولا تستوعب إلا القليل جدا من الأشخاص (منطقة خضراء صغيرة أمام المحكمة الابتدائية بحي التقدم، منطقة خضراء صغيرة بالقرب من إعدادية المولاى إسماعيل بحي السلام، منطقة صغيرة أخرى أمام المكتب الوطني للكهرباء بحي ليراك، منطقة خضراء صغيرة بشارع خالد بن الوليد بحي سيدي غريب). لكن مع ذلك يمكن ملاحظة أنه حتى هذه المناطق الخضراء الصغيرة تتمركز، في أغلبها، في محور حي السلام-حي ليراك. وهو الأمر الذي يؤكد لا عدالة توزيع المجالات العمومية أيضا على امتداد المجال الترابي للمدينة.
ويمكن قول نفس الشيء بشأن الشوارع الكبرى والحدائق. فبخصوص الشوارع الكبرى، نُـذَكر، أولا، بإنجازين كبيرين خلال العقدين الأخيرين كان لهما أثر إيجابي وعميق على مستوى إعادة تشكيل شبكة المواصلات وتنشيط حركة النقل والتنقل بالمدينة، أولهما إحداث شارع خالد بن الوليد، والثاني إحداث شارع عبد الحميد الزموري؛ حيث كان لهذين الشارعين دور مهم في تخفيف الضغط على مركز المدينة وفي إعادة ترتيب مشهدها الحضري في أجزاء واسعة منها. كما أن من شأن الشارع المداري الذي في طور الانجاز والذي سيربط حي الزهراء (انطلاقا من ثانويتي الفتح وعبد الله كَنون) بحي الياسمين 2 مرورا بخلفية ملعب 6 نونبر وحي البويرات ثم حي الياسمين، سيُشكل لا محالة حلقة وصل جديدة من شأنها تخفيف الضغط على المحيط القريب من مركز المدينة وربط العديد من الأحياء الممتدة على الواجهة الغربية للمدينة بتلك الممتدة على واجهتها الجنوبية.
غير أنه مع ذلك، ما تزال عمليات إنشاء التجزئات والأحياء السكنية وتقسيم العقارات تثير العديد من الإشكالات المرتبطة بفتح الطرقات وتجهيزها، حيث يُسجل أن العديد من الأحياء الحديثة تم تزويدها بشوارع جد ضيقة حدَّت من الولوجية وأحدثت عرقلة حقيقية للسائقين والراجلين على السواء. ولعل أبرز مثال يمكن تقديمه بهذا الشأن هو شارع حي الـمُنى الرئيسي [شارع 11 يناير] الذي جـمع الكثير من الاختلالات، أهمها: ضيق عرض الشارع، غياب باحات وقوف السيارات، رصيف جد ضيق، ثم نقط سوداء كثيرة تتسبب في العديد من حوادث السير بالإضافة إلى رداءة جودة الإنارة.
ولقد عاين المجلس الأعلى للحسابات هو الآخر هذه الإشكالات، حيث لاحظ، في تقريره لسنة 2012 بشأن عمليات إعادة الهيكلة الخاصة بأحياء المدينة، «غياب شبه تام للمرافق العمومية للأحياء موضوع عمليات إعادة الهيكلة، حيث تمت المصادقة على التصاميم الإجمالية لهذه الأحياء دون تخصيصها لمساحات مخصصة للمرافق العمومية. الشيء الذي يتنافى مع أحد أهم الأهداف المتوخاة من عمليات إعادة الهيكلة[19]». كما أكد أنه في بعض الحالات، يجري تعديل بعض التصاميم الأولية الخاصة بإعادة الهيكلة بموافقة لجنة الصفقات بقصد إضافة عدد هام من البقع الأرضية المخصصة لبناء المساكن وذلك على حساب الفضاءات المخصصة للمساحات الخضراء والمرافق العمومية التي كانت تضمها التصاميم الأولية. ويذكُـر المجلس الأعلى للحسابات كمثال حي الفرح 2، الذي أضاف فيه التصميم التعديلي 38 بقعة مخصصة لبناء المساكن، وذلك بحذف مساحة كانت مخصصة لمرفق عمومي (حمام وفرن)، وتخفيض مساحة كانت مخصصة لمسجد وحذف طريق عرضه 12 مترا وتخفيض عرض طريق آخر من 12 إلى عشرة أمتار[20].
ولعله من نافل القول الحديث عن تراجع جودة العديد من الخدمات والمنافع التي كانت توفرها في السابق بعض المجالات العمومية الأخرى؛ كتقهقر خدمات حديقة الحيوانات 3 مارس، تعطل نافورات كل من ساحتَـيْ المسيرة والحسن الأول، توقف الفعاليات الترفيهية التي أحدثها المهرجان الكبير الذي كان يُقام بملعب 6 نوفمبر، عدم انتظام بعض الفعاليات التجارية والترفيهية التي تقام بين الفينة والأخرى في ساحتي المسيرة والحسن الأول، الاحتلال غير القانوني للتجار والحرفيين للملك العمومي، هذا بالإضافة إلى التدهور البيئي الخطير للغابة الحضرية الوحيدة، غابة مرابو [غابة المقاومة] (أنظر الصورة رقم 1 أسفله) وتراجع مساحة التشجير داخل المدينة وساحاتها...

1: صورة من أعلى لغابة المرابو


*     *     *     *

ثانيا: التنمية السوسيو-اقتصادية
تشهد خريطة التوزيع السكاني والثروة الوطنية تمركزا حادا. فالشريط الساحلي للمغرب يضم أهم المدن المغربية [حوالي 60% من مجموع السكان]، ويتمركز فيه الإنتاج الوطني [محور طنجة-أكادير]؛ حيث يضم هذا الشريط حوالي 80% من الأنشطة الصناعية وحوالي 53% من القدرات السياحية[21]. وهي وضعية ظلت مستقرة، نسبيا، خلال العقود الأخيرة[22].
هذا التمركز للثروة الوطنية يطرح على المدن المتوسطة تحديا كبيرا وعسيرا في نفس الوقت.
لقد انتهت الورقة المرجعية للورشة المنظمة تحت عنوان «أية تنمية مستدامة للمدن المغربية» إلى استنتاج حاسم من شأنه أن يثير فزع كل مسؤول عن مدينة متوسطة ما، كالخميسات مثلا: «...إن المدن التي ستتمكن من توفير شروط العيش وخلق العوامل الملائمة للأنشطة ستكون آفاقها كبيرة للتطور، في حين من المحتمل أن تتعرض المدن الأخرى للتهميش[23]»!
في الواقع، إن موقع مدينة الخميسات يجعلها في وضع تنافسي لا تُحسد عليه؛ فهي مُحاطة بما يمكن تسميته بـ "ديناصورات" الاقتصاد الوطني: الرباط، سلا، القنيطرة، مكناس، فاس والدار البيضاء (أنظر الصورة رقم 2 أسفله)! فقصتها شبيهة، مع وجود الفارق طبعا، بمدينة سطات، التي وجدت نفسها في وضعية تُصعِّب عليها مقاومة الجذب الذي تمثله الدار البيضاء الكبرى ومدن أخرى مجاورة لها. فكانت فريسة لإعاقة موضوعيةٍ لتنميتها.

2: موقع المدينة بالنسبة للحواضر الكبرى المحيطة والمنافِـسة


نعم، بالتأكيد، كثيرا ما يكون القرب من المراكز الحضرية الكبرى مصدرا لفرصٍ لا حصر لها، غير أن هذا لا يبدو كذلك بالنسبة لمدينة الخميسات. فمثلا، كانت سلا لوحدها، في إطار التقسيم الجهوي الأسبق، تحتل مرتبة متقدمة داخل جهة الرباط-سلا-زمور-زعير وتحتكر العديد من أنشطتها: الانتاج الصناعي 34%، مناصب الشغل 43%، التصدير 44%، خلق القيمة المضافة 35%، الاستثمار 45%[24].
ظل اقتصاد مدينة الخميسات ضعيفا وغير متنوع، يقتصر على قطاع التجارة والإدارة العمومية وقطاع الاعلام والاتصال [بعض وكالات الاتصالات] وقطاع الأنشطة المالية والتأمين [أبناك بدرجة أساسية] وقطاع المطاعم [مقاهي ومحلات للمأكولات السريعة]. وأدى أيضا قطاع البناء أدوارا ملحوظة في تنشيط اقتصاد المدينة خلال العقدين الأخيرين [إحداث مجموعة من التجزئات والمجموعات السكنية في أحياء المنى، الياسمين 2، المنظر الجميل، آيت طلحة، الزهراء، السعادة،...]. بينما ظلت مساهمة الصناعة التقليدية جد محدودة، كما أن صناعة الملابس لم تُبلوِر سوى تجارب قليلة تستحق الذكر وبقيت مساهمتها محدودة وتقتصر في مجملها على أنشطة المقاولات الصغرى[25]. أما قطاعات الصناعة التحويلية، الأنشطة العلمية والتقنية المتخصصة، النقل والتخزين، أنشطة الفنون والترفيه والعروض، السياحة، وغيرها من القطاعات فهي شبه منعدمة[26].
وإذا أضيف إلى كل هذا، تمدد وتغلغل الاقتصاد غير المهيكلِ، مشكل العثور على عقار للاستثمار، غياب مناطق صناعية مجهزة، ضعف الموارد المالية الجماعية وغياب استراتيجية تنموية واضحة، يمكن بسهولة تفسير أسباب ضعف القدرة التنافسية للمدينة[27].
وقد دفع كل هذا إلى سقوط المدينة في أزمة خَـنَقت إمكانيات نموها الاقتصادي. فهي تعيش منذ أزيد من عشرين سنة على إيقاع تدهورها الدراماتيكي: لقد عجز واقع تنميتها الاقتصادية والاجتماعية عن مسايرة نموها الحضري؛ فبقدر ما تكبر المدينة بقدر ما تظهر بشاعتها الحضرية وتخلف وضعها التنموي [يظهر ذلك في أحياء دوار الشيخ، دوار جديد، الكرامة، عين الخميس، السعادة، البويرات، ديور الحومر،...].
ومع أن مدينة الخميسات هي نفسها عاصمة إقليم الخميسات، الملاحظ أنها تسجل على مستوى بعض المؤشرات الاجتماعية معدلات أقل من تلك المسجلة عند بعض الجماعات الترابية المنتمية لهذا الإقليم. فمثلا، سجلت المدينة خلال سنة 2007 معدلات أكبر للفقر (7.6%) وللهشاشة (7.6%) ولعدم المساواة (36%) مقارنة بتلك المسجلة في جماعة والماس [4.9% و 12.7% و 35.2% على التوالي]. كما أنها سجلت معدلات أعلى من الفقر والهشاشة مقارنة بجماعة الرماني [ 5.9% و14.01% على التوالي][28].
فالظاهر أن المدينة لم تتمكن من استثمار العديد من الفرص المتاحة لها، ومنها:
تتوفر المدينة على شبكة طرقية تربطها بكافة أطراف المغرب وبأهم مدنه الكبرى والمتوسطة.
باعتبارها عاصمة للإقليم، فإنها تتوفر على إدارة غير ممركزة واسعة في شكل مديريات جهوية وإقليمية وفروع لمؤسسات عمومية (العمالة، التجهيز والنقل، الفلاحة، التعليم، الصحة، المياه والغابات، الأوقاف، الخزينة العامة، الوكالة الحضرية، التعاون الوطني، غرفة التجارة والصناعة، غرفة الصناعة التقليدية،...]، الأمر الذي من شأنه تيسيير التشاور والتنسيق والحصول على المعلومات والبحث عن تمويلات وعقد الشراكات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
كما أن توفر الإقليم على مساحة واسعة تضم حوالي 8305 كلم مربع، 542221 نسمة[29]، 4 جماعة حضرية[30] و31 جماعة قروية[31]، كان من شأنه أن يشكل مجالا حيويا بالنسبة للخميسات؛ بحيث تشكل مركز جذب وتسوق ودعم لفائدة ساكنة ومقاولات الجماعات الترابية المنتمية للإقليم [تقديم وتوفير الخدمات، الملابس، المواد الغذائية، مواد البناء، مواد وأدوات الفلاحة، خبرة مكاتب الدراسات، كفاءات عالية التكوين، وغيرها].
بالنظر لحجم الموارد البشرية المتوفرة ومستويات التكوين العالية التي تتوفر عليه المدينة، كان من المفترض أن توضع برامج فعالة لدعم إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة. يمكن تقديم كمثال قطاع الملابس؛ حيث نجد أن حاجيات المدينة كبيرة في هذا القطاع وهي تلجأ لسد حاجياتها منه إلى المدن المجاورة [على وجه الخصوص: سلا، مكناس والدار البيضاء]، في حين أن المدينة يمكن أن تسد نسبة كبيرة من هذه الحاجيات لو أنه تم وضع برامج تحفيزية لفائدة المقاولين في هذا الإطار[32].
بالرغم من ملايين الدراهم التي تم توظيفها خلال الثلاثة عقود الأخيرة على مشاريع إعادة هيكلة أحياء المدينة وتجديد وصيانة نسيجها الحضري ودعم المبادرات الاقتصادية، يلاحظ أن ضعف الجدوى و عدم الفعالية واللامرونة شكلت القاسم المشترك لمجموع هذه المشاريع، ونذكر على سبيل المثال: دار الزربية، مشتل المقاولين الشباب، الأسواق المغطاة، الدكاكين المعدة للكراء،... فهذه المشاريع سجلت فشلا بــينا إما كليا أو نسبيا.
...
وفي الواقع، إن تضييع فرص كبيرة - كالسابق ذكرها - في عصر متسارع كالذي نعيشه لا يعني إلا شيئا واحدا: تكريس ضعف القدرة التنافسية لمدينة الخميسات وإضعاف قدرات فعلها الاستراتيجي مقارنة بالحواضر المجاورة أو الناهضة، وبالتالي تَـوقع أن يحمل المستقبل أخبارا سيئةً أكثر بشأن تموقعها على سلم التنمية السوسيوقتصادية الوطنية!
*     *     *     *

ثالثا: نجاعة التدبير

من سوء حظها الكبير، تعاقب على تدبير هذه المدينة، خاصة خلال الفترة 1992-2015، مجموعة من رؤساء المجالس الجماعية والإقليمية وكذا العمال الذين جمعوا بين ضعف الكفاءة، قلة الابداع، إثارة الشبهات والمشاكل، والفشل في تحقيق نقلات تنموية لفائدة الساكنة[33]، بينما ظلت نتائج أدائهم محدودة جدا وأقل بكثير من المنتظر والممكن، سواء على صعيد التنمية الحضرية عموما أو التنمية السوسيو-اقتصادية.
لا يختلف اثنان في استظهار النتائج المأساوية للفعل العمومي المحلي؛ لأن الواقع المرئي للمدينة كاف لتزويد الجميع بكل تفاصيل تلك النتائج. بيد أن تقدير الأسباب يحتاج إلى منطلقات ومسلسل خاص في التحليل. وعموما، يمكن إجمال الأسباب التي تعود إلى تواضع أداء المسؤولين عن التدبير المحلي للمدينة في التالي:
ضعف التأطير الاستراتيجي ومحدودية المقاربة التشاركية:
ارتكزت الاستراتيجية الوطنية للتنمية الحضرية على قناعتين أساسيتين. وهي:
«1. إن مواجهة التحديات الحضرية تمر بتبني استراتيجيات مشتركة على المستوى المحلي،
  2. إن هذه الإجراءات الاستراتيجية المحلية لا يمكن أن تكون ذات مصداقية وفعالية إلا إذا كانت مؤطَّرة ومدعمة على الصعيد الوطني[34]».
وبالفعل، لا يمكن ولوج مستقبل مرجو للمدينة إلا عبر بوابة التأطير الاستراتيجي للفعل المحلي العام والخاص على السواء. بينما، وعلى العكس من ذلك، نجد أن مدينة الخميسات لم تتوفر على مخطط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأزيد من 10 سنوات، وتحديدا منذ سنة 2005 إلى الآن؛ حيث أن آخر مخطط توفرت عليه غطَّى الفترة 2000-2004.
كما أن المجالس الإقليمية التي تعاقبت على تدبير الإقليم لم تبادر قَطُّ إلى إطلاق أي سلسلة مشاورات بهدف الصياغة المشتركة لرؤية تنموية تضمن الـتِـقائِـيَـة تدخلات مختلف الفاعلين المحليين.
وما أحوج المدينة إلى رصد مجهودات متقاطعة وتمويلات مشتركة لبرامج الإنماء؛ وذلك لأن ضعف الموارد المخصصة للتجهيز وللعمل الاجتماعي في ميزانية الجماعة لن تُفضي سوى إلى تخليد مظاهر «التحضر دون تنمية».
فميزانية الجماعة تشهد حالة لا توازن واضحة لفائدة نفقات التسيير ونفقات أقساط الدين على حساب نفقات التجهيز.
وبالقيام بتمرين رياضي بسيط، نكتشف التالي[35]: إن حصة نفقات الموظفين بالنسبة لمجموع نفقات التسيير تقدر بـ 53% (حوالي 41 مليون درهم)، بينما تقدر حصة نفقات الهاتف والماء والكهرباء بحوالي 10% (حوالي 8 مليون درهم) وذلك من مجموع نفقات التسيير الذي تقدر بـ 77 621 011 درهم. بينما لا تُقدر نفقات التجهيز سوى بـ 000 500 4 مليون درهم (أي 17 مرة أقل من نفقات التسيير!). وبذلك يظهر أن نفقات التسيير تضخمت بشكل مهول على حساب نفقات التجهيز وغيرها من النفقات التي من المفترض أن تُـصرف في تجهيز المدينة ورفع مؤشراتها السوسيو-اقتصادية. وإذا كان بإمكاننا تفهم تخصيص المجلس البلدي ما مجموعه  1 043 400 درهما لتغطية نفقات أنشطته الخاصة، كيف لنا أن نتفهم، مثلا، رصده لحوالي 8 مليون درهم كنفقات للهاتف والماء والكهرباء؛ أي ما يقرب من مليار سنتيم [وهو ما يقدر بـ 10% من نفقات التسيير!]؛ هذا في وقت لم يجر تخصيص المجال الاجتماعي سوى بـ 3 ملايين درهم (أي 4% من نفقات التسيير]!
وباحتساب حصة كل فرد من ساكنة المدينة من نفقات التجهيز السنوية، نجد أنها تساوي تقريبا 34.20 درهما (684 ريال) في السنة!!!
وبـــجمع النفقات الموجهة للتجهيز وللمجال الاجتماعي ولصيانة الطرق ودُفعات الشركات الخاصة نظير الخدمات التي تسديها للجماعة [= 18.5 مليون درهم]، فإن حصة كل فرد من مجموعات النفقات الموجهة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتجديد الحضري في ميزانية البلدية ترتفع إلى ما يقرب من 140 درهما للفرد في السنة (أي 2800 ريال)!
هل هذا بكافٍ لتحقيق تنمية شاملة للمدينة؟ في الواقع، وبالنظر للمهام المنتظرة من البلدية، يبدو أن النفقات التي يجري إنفاقها لتحقيق هذا الغرض جد محدودة ولن تلبي طموحات الساكنة حتى لو جمـــَّدنـــا لمدة عشر سنوات المعطـيين الديمغرافي والنمو الحضري في مستواهما الحالي!
غير أن إجابة من هذا النوع يجب أن تُأخذ بتحفظ أساسي. لأنه يتعين إدخال نفقات أخرى يجري تنفيذها على أرض الواقع من قبل إدارات ومؤسسات عمومية أخرى (كالمديريات الإقليمية للصحة والتعليم والداخلية (العمالة) ومؤسسة العمران على سبيل المثال).
غير أنه هناك وجهة نظر أخرى يمكن أن ترفع، إلى حد كبير، هذا التحفظ، وهي تقول أنه حتى ولو أخذنا جميع هذه النفقات، على اختلاف مصادرها، بعين الاعتبار فإن معاينة الواقع التنموي تكفي لإعطاء تقييم سلبي عن مدى كفايتها وفعالية تنفيذها.
غياب القدرة على استقطاب مشاريع كبرى لفائدة المدينة
أبدت المجالس المتعاقبة على مسؤولية تدبير المدينة منذ سنة 1992 عجزا شبه تام عن استقطاب مشاريع كبرى قادرة على تغيير البنية الحضرية للمدينة و/أو إنجاز قفزة سوسيو-اقتصادية. حيث كشف أداء هذه المجالس عن قدرات متواضعة جدا في إقناع المستثمرين وتوقيع الشراكات مع الهيئات العمومية والحصول على التمويلات الضرورية للمشاريع المهــيْكِــلة للواقع الحضري والوضع السوسيو-اقتصادي. فخلال الفترة 1992-2015؛ أي على امتداد 23 سنة؛ لم تستفد المدينة من أي برنامج لتأهيل المدن على غرار مدن أخرى تعيش أوضاعا مشابهة أو حتى أفضل [مدينتي الجديدة وسطات على سبيل المثال]،  كما أنها لم تستقطب أي مشروع وطني أو جهوي كبير [مثلا مشروع تيكنوبوليس في جماعة حصين (سلا الجديدة)[36]]، لا بل إنها أخفقت حتى في استقطاب بعض التجهيزات الوطنية أو الجهوية الكبرى (مطار، مركب وطني، منطقة صناعية أو لوجستيكية كبرى، حديقة وطنية،...).
وفي الواقع، يبدو أن هذا الاخفاق في استقطاب المشاريع الكبرى سيستمر، على أقل تقدير، في المستقبل القريب، خاصة وأن مدنا مجاورة شرَعت في استقطاب العديد من المشاريع الكبرى ذات الميزانيات الضخمة والرهانات الكبرى في المستقبل. وهو ما سيُـدَحرج الخميسات، في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، إلى آخر قائمة أولويات التدخل الحكومي. فإذا نظرنا إلى المشاريع والتمويلات التي ستُرصد في المستقبل القريب لفائدة كل من القنيطرة وسلا والرباط، يمكن عندها أن نتوقع سيناريو هذا التدحرج وبالتالي المستقبل الصعب الذي ينتظر الخميسات.
ولا ينحصر مأزق المدينة عند منافسة المدن الكبرى المذكورة آنفا، بل حتى بعض الجماعات الترابية الصغيرة والمنتمية إلى نفس مجالها الإقليمي دخلت في سباق "لا رحــمة فيه" معها، وأخص بالذكر هنا مدينتي تيفلت وسيدي علال البحراوي والجماعة القروية عين الجوهر: تخطو تيفلت بخطى حثيثة نحو تجديد مشهدها الحضري واستقطاب مشاريع وفعاليات تنموية كبرى، بينما يجري التوسع العمراني لسيدي علال البحراوي بشكل حديث وذي جودة بما من شأنه أن يجعل منها مدينة نموذجية في المستقبل القريب. أما عين الجوهرة فقد استقبل ترابها مشروعا تصنيعيا ضخما «المجمع الصناعي عين الجوهرة»؛  وهو مشروع سيغطي مساحة تقدر بـ 400 هكتار، ويُـتَـوقع أن يخلق 72000 منصب شغل بميزانية قدرها 1.2 مليار درهم [يمكن ملاحظة أن هذه الميزانية تساوي 266 مرة أكثر ميزانية التجهيز السنوية لجماعة الخميسات!][37]. ولا يخفى أن هذا المشروع سيُـسَرِّع أكثر التنمية الشاملة والنمو الحضري بجماعات تيفلت وسيدي علال البحراوي وعين الجوهرة على السواء. وستبقى، بالتأكيد، بلدية الخميسات أقل المستفيدين من هذا المشروع الكبير!
ضعف القدرة على المتابعة والمراقبة وتبذير المال العام
يقول هنري فايول « لا نستطيع مراقبة إلا ما هو منظم ». فكيف، إذا، يستقيـــم تحقيق الاقتصاد في الانفاق والفاعلية في التسيير والفعالية في بلوغ الأهداف في ظل إدارة تعج بالفوضى وقلة الاحترافية وعدم الشفافية ومنسوب غير قليل من الفساد.
خلال زيارتَيه للمدينة، واللتان تُـوِّجَـتَـا بصياغة تقريرين حول مدى حُسن أداء بلدية الخميسات [تقرير 2008 وتقرير 2012]، أورَد المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من مظاهر الخلل في أداء بلدية الخميسات، انطلاقا من أداء المجالس المسيرة إلى المصالح المختلفة، مرورا بتدبير الموظفين. ويمكن سرد بعضها في التالي[38]:
* ضياع موارد مالية مهمة: تُـقدر الموارد المالية التي تضيع على الجماعة المحلية بملايين الدراهم سنويا (أي ملايير السنتيمات كل سنة)، وهي تتنوع بين مداخيل ضريبية، رسوم السوق البلدي للخضر، سومات كراء المحلات التجارية، الرسوم المفروضة على شغل الأملاك الجماعية مؤقتا، الموارد الممكن تحصيلها من جراء كراء بعض الدكاكين والمحلات الجماعية الشاغرة، وغيرها.
* سوء تدبير الصفقات العمومية: كصفقات تهيئة طرق المدينة (ومنها الصفقة رقم 27/2005 والصفقة رقم 30/2006) وصفقة تهيئة شارع محمد الخامس وكذا الصفقة رقم 8/2006 المتعلقة بتهيئة ساحة المسيرة 1 و2، وغيرها[39].
* ضعف الشفافية: وجود نقط سوداء في تدبير بعض الصفقات العمومية والعقود قد ترتقي إلى جرائم فساد مالي. مثلا، بالنسبة للعقد المبرم مع مكتب الهندسة المعمارية بتاريخ 26 يونيو 2006 في إطار تدبير الصفقة رقم 8/2006[40].
* فشل في تدبير مجموعة من المشاريع التي صُرفت فيها ملايين الدراهم، ونذكر مثلا: سوق دار الزربية، سوق المعمورة، سوق السعادة، المحلات المهنية للمقاولين الشباب، أعمال هيكلة الأحياء ضعيفة التجهيز، أعمال محاربة دور الصفيح،...
* ضعف متابعة الجمعيات المحلية الحاصلة على الدعم العمومي وغياب رؤية واضحة في الموضوع: تحول نمط تدبير أموال الدعم الموجه لجمعيات المجتمع المدني إلى مجرد واجهة يتم من خلالها تصفية ملفات أخرى وفق توازنات وترجيحات حساسة (سياسية بدرجة أساسية). ولهذا، مثلا، نجد أن الكثير من الجمعيات المحلية تحصل على الدعم لا اعتبارا لحسن أدائها أو جودة برامجها ومشاريعها، بل لمجرد الرغبة في إخماد احتجاجاتها المتواصلة أمام المجلس البلدي. حيث صارت مقابلة الحصول على الدعم بالاحتجاج على رئيس المجلس البلدي عرفا بالمدينة. وهذا يمكن اختزال مسطرة الدعم غير الرسمية [التي تعيش على بالموازاة مع المسطرة الرسمية المفترض فيها أن تقابل الدعم بالنتائج] في التالي: استفزاز وضغط إرباك المشهد العام تفاوض تقديم الدعم الحصول على الدعم صمت مؤقت استهلاك أموال الدعم انطلاق موجة جديدة من الاستفزاز والضغط وهكذا دواليك!
من خلال تحليل القوائم المتعلقة بالجمعيات التي حصلت على الدعم أو أودَعَت طلبا بذلك[41]، يمكن عرض الملاحظات التالية:
1.     بعض الجمعيات تستفيد من أموال الدعم من دون أن نرى يكون لها أثر ميداني في المشهد الثقافي والاجتماعي للمدينة،
2.     بعض الجمعيات التي تودِع ملفات الاستفادة من الدعم لا تتوفر على برامج سنوية للأنشطة،
3.     بعض الجمعيات تستفيد من الدعم بينما نجد أن مجموع عدِيدِها من أعضاء المكتب المسير والمنخرطين لا يزيد عن شخصين! حيث تشهد، واقعيا، أزمة تنظيمية حادة وتفتقر لمشروع جمعوي حقيقي وأما بقائها على قيد الحياة فيعود لإرادة شخص أو شخصين وبغرض استثمار اسمها لنيل الدعم العمومي؛
4.     بمقارنة حجم أموال الدعم المسلمة من جهة، والوقع الفعلي الضعيف للأنشطة المدعومة وقلة هذه الأنشطة على الأرض من جهة أخرى، يظهر أن المجلس البلدي لا يولي النتائج المنتظرة من تسليم هذه الأموال العمومية الأهمية التي تستحق، خاصة في ظل غياب رؤية استراتيجية محددة سلفا في الموضوع.

ولتقديم أمثلة إضافية عن تبذير المال العام المحلي، نستعرض تفاصيل أكثر لبعض الصفقات المذكورة أعلاه والواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات[42]: تُـظهر الصفقة رقم 8/2006 (تهيئة ساحة المسيرة 1 و2) والصفقة رقم 27/2005 (تهيئة طرق المدينة -الشطر الأول-) والصفقة رقم 2/2006 (بناء وتهيئة شارع الرباط وزنقة الكرامة 1)، أن حجم النفقات التي أداها المجلس الجماعي بدون وجه حق تُـقـدَّر، على التوالي، بـ 24515.64 درهما، و 93922.00 درهما و 150840.12 درهما، أي ما مجموعه 269277.76 درهما (= 27 مليون سنتيم تقريبا).
* هذا بالإضافة إلى مجموعة من الاختلالات التدبيرية الأخرى، والتي يمكن ذكر من بينها: عدم القيام بالدراسات القبلية للمشاريع، عدم مراعاة مبادئ المنافسة، ضعف تقدير الحاجيات التي تتطلبها الأشغال العمومية، عدم التعامل على قدم المساواة مع المتنافسين على نيل الصفقات، عدم إنجاز التقارير والتدقيقات الداخلية للصفقات، سوء تدبير الأرشيف، ضعف التواصل مع المحيط، وغيرها.
*     *     *     *

على سبيل الختم:

تتوسع مدينة الخميسات عمرانيا وديمغرافيا، وكلما حصل ذلك إلا وزاد تعقد مشاكلها وبالتالي تظهر أكثر الحاجة إلى فتح قنوات التشاور المتعدد الأطراف وبناء جسور العمل المشترك وتحديث الإدارة قَـصد تطوير البنيات التحتية وخلق المزيد من فرص الشغل وتسهيل الحصول على سكن لائق، وتجديد المشهد الحضري، وتوفير الخدمات الاجتماعية وإنشاء تجهيزات القرب وتحقيق الأمن وغيرها.
...
وإذا كانت المعلومة لا تشكل رهانا بالنسبة للمدبر العمومي المحلي على الإطلاق؛ إذ أنه لا يهتم في الغالب بجمع وتحليل المعطيات الخاصة بالمدينة قَـصْـد تقـييــم مشاكلها وصياغة مقاربات علمية وعملية لإنهاض واقعها وتوجيه مستقبلها[43]، فإنه لا أحد – بما فيهم المستشارون الجماعيون – يُـنكر حجم المشاكل التي تغرق فيها المدينة يوما بعد يوم: وجود وتمدد البطالة، الأحياء غير المهيكَـلة، الضواحي ناقصة التجهيز، البشاعة العمرانية، ضعف الأمن، الهجرة إلى خارج المدينة وخارج الوطن للعمل، الانتحار، الدعارة في الداخل والخارج، الجريمة، التفاوت الاجتماعي، كثرة الاحتجاجات وَ وَ وَ...
فهذه المشاكل تبعث بإشارات قوية تقول أن المدينة تسلك الطريق الخطأ وأنها ستُخْـلف مواعدها في المستقبل!
وبشكل عام، يبدو أن أمام المدينة رهانات أربعة مطلوب أن تنهض بها للخروج من خناق أزمتها التنموية:
1.     رهان التجديد الحضري؛ بهدف إعادة تشكيل المدينة لتصير مدينة تحترم إنسانها وذلك عبر نهج تخطيط حضري منفتح على المستقبل؛
2.     رهان تقوية القدرة التنافسية؛ بهدف رفع المؤشرات السوسيو-اقتصادية وذلك من خلال رفع وتيرة الاستثمارات وإنشاء بنية تحتية مناسبة وخلق فرص شغل جديدة ودعم المقاولات المتوسطة؛
3.     رهان تحقيق العدالة الاجتماعية؛ بهدف تحقيق اندماج اجتماعي حقيقي وذلك عبر التوجه نحو ضمان عدالة في توزيع الخدمات العمومية وتطوير أداء الإدارة وتقوية البرامج الاجتماعية.
4.     رهان تقوية التواصل والعمل المشترك؛ بهدف تطوير النقاش العام المحلي بما يخدم أهداف التنمية، وذلك عبر جمع وتحليل ونشر المعطيات ذات العلاقة بالمدينة وفتح قنوات مستمرة للتبادل والعمل المشترك مع مختلف مستويات الجماعات الترابية [جهة الرباط-سلا-القنيطرة، إقليم الخميسات، الجماعات الحضرية والقروية المجاورة والقريبة] والإدارة غير الممركزة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وقوى المجتمع المدني، وأيضا عبر دعم الشفافية في تدبير الشؤون المحلية.


[1] - يذكر، محمد بوبية في مذكراته، أنه في "سنة 1911، لم تكن الخميسات  إلا اسما لموقعها الحالي، حيث كانت تنزل به المحالّ السلطانية في طريقها من مكناس إلى الرباط أو من الرباط إلى مكناس. وكانت مرحلة مخزنية، لما تتوفر عليه من مياه للشرب من الخميس الشهيرة بمائها العذب وبالقرب من سيدي عرجون التي كان المولى الحسن الأول يفضل الشرب من مائها..."، قبائل زمور والحركة الوطنية، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، سلسلة بحوث ودراسات رقم 38، جامعة محمد الخامس، الرباط، ص: 561.
[2] - في المغرب، تُعتبر المدينة متوسطة إذا كان عدد سكانها بين 50000 و 500000 نسمة.
[3] - المندوبية السامية للتخطيط، مديرية الإحصاء والسكنى، الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014.
[4] - حيث يضم إقليم الخميسات 542221 نسمة [ 542025 مغربي (حضري + قروي) و 196 أجنبي]. وفي الوسط الحضري:  280926 مغربي و 153 أجنبي. بينما يضم الوسط القروي 261099 مغربيا و 43 أجنبيا. ن. م.
[5] - التصميم الجهوي لإعداد التراب، جهة الرباط-سلا-زمور-زعير، 2010.
[6] - محمد بهضوض، تحديات المدينة في المغرب (سلا نموذجا)، منشورات دار الأمان، الرباط، 2012، ص: 166.
[7] - للأسف، لا توجد معطيات مضبوطة لحجم هذه الهجرة. بيد أن المجلس البلدي، في شخص رئيسه (الأسبق)، يعتبر أن الهجرة القروية مشكلة قائمة وكبيرة. وقد عرض هذا الرئيس وجهة نظره في الموضوع في حوار أجراه معه الباحث.
[8] - يساهم سكان المدينة المقيمين بالخارج بشكل كبير في تنشيط السوق العقارية. بيد أننا لا نتوفر على أي إحصاءات دقيقة بشأن حجم مساهمتهم. تبرز مساهمتهم أكثر في الأحياء الحديثة، مثلا: حي المنى وحي الياسمين 2 وغيرهما.
[9] - إحصاء ثانوي.
[10] - إحصاء عام، سنة 1994.
[11] - إحصاء عام، سنة 2004.
[12] - إحصاء عام، سنة 2014.
[13] - على الرغم من أهمية هذه المعطيات، لا تُـبْد البلدية أهمية تُذكر للتوفر عليها وتحليلها.
[14] - يمكن، بـيُسر، معاينة وتيرة النمو الحضري الكبيرة الذي تسجلها هذه الجماعات الترابية المحاذية للحواضر الكبرى المذكورة، وهي نتيجة، بشكل رئيسي، لعلاقات الجوار في حد ذاتها.
[15] - تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2012، ص: 92.
[16] - ن. م. ن. ص. حيث تم خلق 13.023 بقعة أرضية في إطار التجزئات القانونية، في حين وصل عدد البقع الأرضية المنجزة في إطار تصاميم إعادة الهيكلة 17.599 بقعة، وذلك في نفس الفترة المذكورة أعلاه.
[17] - ن. م.  ص ص: 97 و 100.
[18] - بتاريخ 28 يناير 2016، وفي الوقت الذي كان كاتب السطور يُـعِد هذه الدراسة، حدثت جريمة مروعة بالأسلحة البيضاء في هذا الحي ليلا!
[19] - تقرير المجلس الأعلى لحسابات لسنة 2012، ص: 95.
[20] - ن. م. ن. ص.
[21]- تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، الكتاب الثالث: الجهوية المتقدمة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ص: 18. ومحمد بهضوض، م. س. ص: 68.
[22] - الدار البيضاء الكبرى حوالي 20% من الناتج الداخلي الوطني والرباط-سلا ما يقارب 10%.
[23] - الملتقى الوطني للتنمية الحضرية، الورشة الأولى: أية تنمية مستدامة للمدن المغربية، الصخيرات، 22 و 23 يناير، 2009، ص:1.
[24] - محمد بهضوض، م. س. ص: 120.
[25] - بينما توجد حوالي خمس مقاولات متوسطة. بعضها يُـشَغِّل حوالي 70 عاملا وعاملة، وبعضها الآخر أقل أو أكثر. مقراتها موجودة في أحياء تادارت والحي الصناعي والياسمين وفي غيرها. وفي بعض هذه المقاولات، تتقاضى بعض العاملات الجديدات أجرا يساوي 500 درهم عن 9 ساعات من العمل، وفي بعضها يتقاضين أقل من 500 درهم.
[26] - كانت المدينة تتوفر على منطقة صناعية، تم استقطاب العديد من الوحدات الانتاجية خلال الشطر الأول من تجهيزها واستغلالها. وقُدر عدد الوحدات التي عملت بهذه المنطقة بـ 45 وحدة إنتاجية (شغلت حوالي 3000 عامل وعاملة). ونتيجة للخلافات التي نشأت بين أرباب العمل والنقابات، وبالرغم من الحوارات الاجتماعية الطويلة وتدخل المجلس البلدي حينها (على رأسه، الرئيس السابق مصطفى أوعشي) لحل هذه الخلافات، تم إغلاق أهم الوحدات العاملة هناك. فلم يجر استكمال باقي الشطر كما ضاعت آلاف مناصب وفرص الشغل.
[27] - كما أن افتقار المدينة لساحل بحري ولمدينة عتيقة كبرى حَرَمها من امتياز التوفر على ميناء يُـنَـشط قطاع الصيد البحري ويخدم التبادلات التجارية مع الخارج من جانب وحَـدَّ من إمكانية تطويرها لقطاع سياحي واسع من جانب آخر.
[28] - خريطة الفقر، المندوبية السامية للتخطيط، 2007. وخلال هذه السنة، قُدر المعدل الوطني للفقر بـ 9%. (في الواقع لم يتوفر الباحث على المعطيات الجديدة الخاصة بالمدينة والتي يحتويها تقرير الاحصاء العام للسكنى والتعمير الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2014 وذلك بالرغم من مراسلته للعديد من المسؤولين والأطر في هذه المندوبية. كما أن المعطيات التي توفَّـر عليها من بعضهم لم تكن مناسبة).
[29] - ومن غير احتساب ساكنة بلدية الخميسات فإن ساكنة المحيط الإقليمي تقدر بـ: 410679 نسمة.
[30] - وهي بلديات تيفلت، الرماني والمعازيز، بالإضافة إلى الخميسات.
[31] - وهي: أيت سيبرن، أيت ميمون، الكنزرة، أيت يدين، الصفاصيف، آيت أوريبل، مجمع الطلبة، سيدي علال المصدر، سيدي الغندور، المعازيز، حوذران، آيت إيكو، تيداس، أولماس، بوقشمير، آيت إيشو، البراشوة، مولاي ادريس أغبال، جمعة مول البلاد، الغوالم، مرشوش، عين السبيت، زحيليكَة، سيدي عبد الرزاق، مقام الطلبة، آيت بلقاسم، خميس سيدي يحيى، آيت بويحيى الحجامة، آيت مالك، آيت علي ولحسن، عين الجوهرة.
[32] - بالنظر إلى النزاعات والتوترات الاجتماعية الكبيرة التي سبق وأن حدثت خلال التسعينيات في هذا القطاع بين أرباب العمل من جانب والنقابات والمستخدَمين من جانب آخر، بات يتوجب على البلدية أن تطلق حملة لمحو المخلفات النفسية لهذه الحوادث من ذاكرة المقاولين والمدينة على السواء. وذلك من خلال فتح قنوات للحوار مع المستثمرين المحتملين والنقابات المهنية ومن ثم إعداد وتنزيل خطة إعلامية وتسهيلات خدماتية لإنعاش هذا القطاع من جديد. فمن شأن نجاح هكذا خطوات أن يخلق مئات فرص الشغل المباشرة لفائدة النساء والرجال، ناهيك عن فرص الشغل غير المباشرة.
[33] - لأخذ أمثلة عن مظاهر الخلل هذه، أنظر دراسة سابقة لكاتب السطور تحت عنوان « إشكالية التنمية بمدينة الخميسات » (موجودة على شبكة الأنترنيت). لأنه هنا، سيُخصص هذا المحور لتقديم عرض وتحليل تركيـبِـيَـيْـن لهذه المظاهر دون الدخول في العديد من التفاصيل التي سبقت الإشارة إليها.
[34] - الاستراتيجية الوطنية للتنمية الحضرية، ص: 14.
[35] - اعتمد الباحث لإجراء هذه العمليات الحسابية على المعطيات المالية الواردة في مشروع ميزانية السنة المالية الجارية 2016. فعموما لا تختلف التقديرات المحددة في هذا المشروع عن الحصيلة الفعلية للسنوات الماضية - على الأقل خلال السنوات الخمس الأخيرة - سواء ما تعلق منها بنفقات التسيير أو أقساط خدمة الدين العام أو بنية الميزانية أو تخصيص الاعتمادات . فالذي يهم هنا هو تقديم صورة تقريبية عن طبيعة النفقات وتوزيعها والعلاقات فيما بينها وتوقع الأثر المنتظر من تنفيذها على أرض الواقع.
[36] - قُدم هذا المشروع على سبيل المثال لا أكثر؛ لأننا نعلم مسبقا باستحالة إنجاز مشروع بهذا الحجم في مدينة متوسطة كمدينة الخميسات. وتأتي أهمية هذا النوع من المشاريع في قدرتها على تعبئة عشرات الآلاف من مناصب الشغل وعلى تنشيط الدورة الاقتصادية بشكل قوي ومتسارع. فمثلا، من المتوقع أن يوفر مشروع تيكنوبوليس المذكور 000 30 منصب شغل.
[37] - يقدم التقرير حول الحالة البيئية لجهة الرباط-سلا-زمور-زعير، الذي أعدته وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة (قطاع البيئة)، في دجنبر 2011، معلومات أوسع عن هذا المشروع، نذكر منها: أن مصادر تمويله متعددة، منها صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وجهة الرباط-سلا-زمور-زعير [حاليا جهة الرباط-سلا-القنيطرة]، ودعم الدولة ومساعدة الجماعات المحلية المعنية. وهو يهدف، كما يؤكد التقرير، إلى التغلب على نقص الأراضي الصناعية المجهزة بشكل جيد وتشجيع التوازن الاقتصادي بين جهة الربط-سلا-القنيطرة وجهة الدار البيضاء-سطات، ومن جهة أخرى إلى تشجيع توافد الشركات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل تلبية المطالب الاجتماعية للأطر والمستخدَمين المحتملين المقيمين في المجمع وعائلاتهم، تم تهييئ مجموعة من مراكز التكوين والمرافق والمؤسسات الرياضية والترفيهية وكذا المساحات الخضراء التي تحترم معايير الصحة والسلامة. ص: 24.
[38] - ولمزيد من التفاصيل، أنظر دراسة الباحث سابقة الذكر «إشكالية التنمية بمدينة الخميسات».
[39] - تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008، ص ص: 113-115.
[40] - ن. م. ن. ص.
[41] - قوائم الجمعيات الراغبة في الاستفادة من الدعم سنة 2015، المجلس الجماعي، الخميسات (وثيقة غير منشورة).
[42] - تقرير سنة 2008، ص ص: 115-117.
[43] - أكثر من هذا، لم يُـتعب المجلس الجماعي نفسه بالسعي إلى الحصول على المعطيات الإحصائية المتعلقة بالوضع السوسيو-اقتصادي للمدينة والتي أنتجتها المندوبية السامية للتخطيط في الإحصاء العام الأخير (2014)!

تعليقات