فؤاد بلحسن - الهوايات .. الفريضة الضائعة! «مبادرة تنشيط المجتمع المدني (11)»



من الضروري العودة باستمرار إلى المسائل البسيطة لكن الجوهرية والحيوية في نفس الوقت. الهوايات مثلا.

يُـعَـرِّف «روبيرت آشتون» الهوايةَ بكونها تلك الأمور التي نمارسها في أوقات فراغنا لأننا نجد أنفسنا شغوفين بها.

 حتى وقت قريبٍ، كنتَ تجد لهذا السؤال: «ما هي هوايتك؟» جوابا لدى أغلب من تسألهم. الآن تغـيَّـر الوضع بصورة مأساوية. جرَّبـت وسألت بعض الأشخاص نفس السؤال، فلم يقدموا إجابة محددة، بل إن بعضهم شعر بالارتباك أو الخجل جراء ذلك. كم هو مقزز ألا يكون الشخص غير شغوف بأي نشاط ثانوي يقضي فيه أوقات فراغه بصورة تزيد من رصيد مواهبه وكفاءته وسعادته. والأكثر تقززا، أن يجيب أحدهم بأن هوياته هي الدردرشة على مواقع التواصل الاجتماعي! وذلك لأن التواصل عبر هذه المواقع ليس هواية بل ممارسة عادية يقوم بها الجميع لأغراض تواصلية بالأساس، والتواصل الروتيني ليس ولن يكون هواية مدعاة للفخر!
أتذكر، بالكثير من الحنين، كم كان هذا السؤال طبيعيا ومُـحبـَّـبا فيما سبق من سنين. حيث كنا نجد حلاوة في الحديث عن الموضوع والتفاعل بشأنه.
ففي الماضي القريب، كانت الهوايات مصدرا لإغناء التجارب الحياتية الشخصية. وكثيرا ما كنا نميز الأشخاص بهواياتهم. فقد كان من العسير فصل شخصية الانسان عن هوايته. بل وكثيرا ما تطورت هذه الهواية أو تلك إلى مهنة تُدر المال على صاحبها.
كثيرا ما يكون البيت والمدرسة والشارع مصدرا للتنميط أكثر منها مصدرا للتنويع. وهنا كانت تأتي الهوايات لتضع لمستها السحرية والممَـيَّــزة والمميِّـزة على الأشخاص ونمط حياتهم وموقعهم في المجتمع. فيصير فلان غير علان، وعلان غير فلتان.
الهوايات مدخل جدي ومهم للنبوغ والابداع والانجاز والتميز والتتويج وإغناء الشخصية. هذا إذا أردت أن تضع اسمك في قائمة المتألقين. وليس مجرد اسم عادي على هامش حياة الآخرين أو على هامش إيقاع عالم أمسى يدوس بعنف غير مرئي كل ما هو جميل في المجتمعات لمصلحة من لهم المصلحة في تنميط البشر وتسخيفهم وقيادتهم لينهجوا سلوكيات بعينها ويختاروا اختيارات بعينها.
ابْحث لكَ عن هواية!
هذه قائمة مقترحات. اختر هواية منها! مارسها بشغف. وسترى أنك صرت واحدا من المميزين والأكثر كفاءة فيها من بين جميع أقرانك إن لم أقل من بين جميع سكان مدينتك. لا تتوقف عن ممارستها إلا بعد أن تُمسك بناصيتها أو بعدما تجد إثارة أكثر في غيرها. اجعل شخصيتك أكثر غِنى.
·      البستنة؛
·      العزف الموسيقي؛
·      الشطرنج؛
·      القراءة الحرة؛
·      اللياقة البدنية؛
·      الأعمال اليدوية؛
·      العمل التطوعي والانساني؛
·      الاسعافات الأولية؛
·      السفر وتدوين مذكرات السفر؛
·      الكتابة؛
·      تسلق الجبال / التجوال في الطبيعة؛
·      الرياضة؛
·      التصوير / الرسم؛
·      المسرح؛
·      إلخ.
إن دور المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات الثقافية والخيرية منها، على هذا الصعيد أوضح من نار على علم. هذا إذا أردنا أن نرتقي بواقعنا إلى حيث يصير تعريف إنساننا لا يبتعد كثيرا عن معنى الجمال والأخلاق والإبداع والفن.

belahcenfouad@gmail.com

تعليقات