فؤاد بلحسن - مقترحات للجمعيات بالخميسات: خارطة طريق وعمل «مبادرة تنشيط العمل المدني» (4)



«تعريف: المعاق هو المتخصص في تبرير الفشل وتكريس اليأس!»
ف. ب.


المبادرة - نعم المبادرة - هي ما نفتقده، لا الأيدي والسواعد! سأستعرض مجموعة من المقترحات العملية فيما سيأتي، لكن بعد أن أفتح قوسَ نقاشٍ في قلب الاشكال: ما العمل؟

لقد حان الوقت - وقد تأخَّرجنا - لنقوم بشيءٍ ما، صغيرٍ أو كبير، لمدينة أعطتنا ما استطاعتهُ. فاللحظة أكثر نت لحظة للاستغراق في مساءلة ما وفرت لنا من خدمات عمومية وفرَص شغلٍ وإحساس بالأمان أو غيرها. سيبقى لهذا النقاش حيزا في نقاشنا العمومي-المحلي، لكن لا يجب أن يستهلك كل طاقاتنا وشواغلنا. العمل، في بعض المقامات، يكون أفْـيَد من الكلام، خاصة حينما يُمسي هذا الأخير مـجرَّدَ اجترارٍ للمأساة.
حي على العمل! هذا نداء من محبٍ لمدينته وساكنتها إلى مُـحـبين آخرين، قائمين ومفتـرَضين، في الداخل والخارج. إن واجب العمل يُحتم علينا أن نَـنفض غبار الكسل عن أكتافنا ونضع أيدي بعضنا فوق بعض ونرص المجهودات.
على كل مثقف أن يَـنزِل من بُرجه ويمد يده لجمع قمامة مدينته إذا لزم الأمل...
على كل ناشط مدني أن يؤطر مبادرات وينخرط في مشاريع مدنية يلتقي فيها مع غيره من الناشطين...
على كل جمعية محلية أن تسعى لتحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها حتى تُـضيف إنجازاتها إلى إنجازات مثيلاتها. فيكونُ اللقاء لقاء على الإيجاب لا السلب...
على كل طالب أن يجد له دورا داخل مسار تطور مدينته وألا ينغلق في ذاته وفي رهاناته الخاصة بعيدا عن أي مسؤولية اجتماعية...
على كل فرد من الساكنة - أنا وأنت - أن نـتـمثَّل المبادئ والسلوكيات التي تُعلي من قيم الانصات المتبادل والتطوع الكريم والعمل الجماعي والانخراط الإيجابي والتضامن والإحسان.
إن تنمية المدينة لا تُخلي مسؤولية أيٍّ منا. ليس المطلوب من الفرد منا أن يخرِق الجبال بل أن يساهم، على قدر استطاعته، بأفكاره وبعض من جهده ووقته. ليس المطلوب من المجتمع المدني أن يشق الطرق أو ينير الشوارع أو أن ينهض بأكثر مما يـُطيق. لكن، بالمقابل، يتوجب عليه ألا يُلقي بكامل المسؤولية على عاتق مؤسسات الدولة والبلدية أيا كانت درجة فعاليتها. فللمجتمع المدني نصيب خاص به من المسؤولية.
هذه سلسلة مقترحات – من دون غلق القائمة - يمكن أن تتـأطَّـر وتُحْتَـضَن من لدن المجتمع المدني في الأجل القريب والمتوسط. بحيث يمكن لتنزيلها على أرض الواقع أن يـصنَـع فارقا وأن يُساهم في مُصالحة المدينة مع ساكنتها، والسكان مع مدينتهم. وهي تتكون من 4 محاور كبرى و26 نشاطا تفصيليا.
المحور 1: المجال الاجتماعي
1.     تنظيم حملات لجمع الملابس والأغطية لفائدة الفقراء والمعوِزين والمتشردين، خاصة في مطلع فصل الخريف وفي فصل الشتاء.
2.     إحداث نوادي أو لجان أو حلقات داخل الجمعيات خاصة بالمدمنين الراغبين في الاقلاع عن الإدمان والحصول على استشارات صحية ودعم نفسي-جماعي.
3.     إعداد ونشر قوائم بأرقام هواتف وعناوين الأسر الفقيرة أو في وضعية صعبة (كالأسر المتكفلة بشخص مريض) الراغبة في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.و في وضعية صعبة.
4.     تنظيم زيارات للدعم والتنشيط لفائدة المسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والتلاميذ والسجناء،...
المحور 2: المجال التربوي والتثقيفي [التنشيط والتوعية]:
5.     تنشيط مبادرات ميدانية داخل مختلف الأحياء أو  على صعيد المدينة ككل [مثلا: تنظيف، تزيين، تحسيس، توعية، تثقيف، توجيه، تكوين،...].
6.     توزيع مطويات إرشادية على الساكنة بشأن بعض المواضيع المهمة [مثلا: إرشادات صحية؛ دعوات تحفيزية إلى ممارسة الرياضة والتذكير بأهميتها الصحية والنفسية؛ التعريف بطرق التخلص من فضلات الأضحيات في الأعياد؛...].
7.     تنظيم مسابقات لتشجيع المواهب المحلية لفائدة الفتيان والشباب.
8.     تنظيم صُبحيات كبرى وورشات دورية للأطفال [رسم؛ غَرس؛ قراءة؛ إعلاميات؛ ثقافة صحية ورياضية؛ سطرنج؛ ألعاب الورق؛ تمثيل؛ أشغال يدوية؛ ألعاب سحرية؛...].
9.     تنظيم زيارات جماعية للخزانة البلدية للكتب لفائدة أعضاء الجمعيات وتلاميذ المؤسسات التعليمية.
10. تنظيم مبادرات لدعم القراءة والاحتفاء بالثقافة والكِتاب والفنون.
11. إحداث تنسيقية تضم بين 5 و10 جمعية ثقافية للتحضير لمهرجان ثقافي-فني محلي.
12. تنظيم أنشطة تثقيفية-تربوية-ترفيهية لفائدة الأسر والأطفال في الهواء الطلق (في غابة المرابو مثلا).
13. تنظيم أنشطة رياضية جماعية بهدف التحسيس بأهمية الرياضة وتكريس الثقافة الصحية (مثلا: نصف-ماراتون محلي مفتوح لمشاركة الجميع؛ معرض متعدد الوسائط حول الصحة والمراض والوقاية منها).
14. إحداث جمعيات تُعنى خصيصا بالشأن الثقافي والعلمي وتركز أنشطتها حول الحياة الحضرية داخل المدينة انطلاقا من مقاربات مختلفة، سوسيولوجية وتدبيرية وأنثروبولوجية وتاريخية.
15. إحداث لجنة لتوثيق كل ما يتعلق بمدينة الخميسات [وضع بيبليوغرافيا كاملة: كتب، مقالات، تقارير، بحوث، صور، أشرطة،...]؛
المحور الثالث: مجال التزيين والبيئة:
16. رسم جداريات، بمشاركة فناني المدينة، على واجهات البنايات العالية والبارزة.
17. تنظيف وطِلاء وتزيين بعض المؤسسات الاجتماعية (مؤسسات رعاية المسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة؛ جنبات المدارس، مساجد؛...).
18. تنظيم ورشات بيئية لغِراسة الأحياء والشوارع بأشجار ونباتات مع مراعاة مدى تأقلمها مع مناخ المدينة.
19. تنظيم ورشات بيئية متعددة للغِراسة بغابة المرابو (غابة المقاومة) والتحسيس بأهمية المحافظة عليها باعتبارها الغابة الحضرية الوحيدة بالمدينة.
المحور الرابع: مجال التكوين والمرافعة
20. تنظيم لقاءات تكوينية في تقنيات تقديم الإسعافات الأولية والتبليغ عن الجريمة وعن انتهاكات حقوق الانسان.
21. تنظيم تكوينات لفائدة أعضاء الجمعيات حول المستجدات القانونية في مجال المرافعة ومشاركة المجتمع المدني في تدبير الشأن العام المحلي (مثلا في: تقنيات المرافعة؛ تقنيات إعداد وتقديم العرائض؛ تقنيات التحقيق في بعض القضايا؛ تقنيات التوثيق؛ تقنيات المساءلة؛...)؛
22. تكوين الشباب حول أساليب تنشيط المبادرات داخل الأحياء وطرق تدبير جمعيات الأحياء والنوادي التربوية والثقافية والتنموية وحول أهمية التطوع في بناء الذات وتنمية الجماعة وتحقيق المصلحة العامة؛
23. تنظيم لقاءات تكوينية في التنمية الذاتية لفائدة أعضاء الجمعيات وشباب المدينة (لا تستهينوا بهذا الفرع من المعرفة. فهو قد يغير مصائر كثيرين).
24. المرافعة من أجل إحداث متحف خاص بالمدينة.
25. المرافعة من أجل ترميم والحفاظ على تراث المدينة والإقليم، المادي والطبيعي، وخاصة مركب الأطلس الثقافي (كنيسة سانتا ماريا) ودار أم السلطان وقنطرة بوفولوس بآيت سيبرن ومغارة إفري نعمر موسى على ضفاف وادي بهت وضاية رومي وضايات آيت عفي وغيرها.
26. المرافعة من أجل أن يضع المجلس الجماعي برنامجا لتكوين رؤساء وكوادر الجمعيات المحلية بهدف رفع درجة مهنية وفعالية العمل المدني بالمدينة.

تكمن أهمية هذه الأنشطة في أنها ممكنة، غير مكلفة، مهمة، وذات أثر كبير في تغيير الثقافة الحضرية للمدينة وتحسين مزاج ساكنتها وزرع الأمل من جديد في شرائح واسعة منها. ولنفترض أن مجموعة من الجمعيات بادرت إلى تبني ولو محورا واحدا من هذه المحاور، عندها ستكون، بالتأكيد، النتيجة مذهلة بالنظر إلى الدينامية التي ستنتج عن مجموع المبادرات عمليا.
سبق أن التقيت بأعضاء بعض الجمعيات العاملة في الميدان، واكتشفت أنهم يُـسيئون تقدير أهمية ما ينجزون من أعمال ويقدمون من خدمات، إذ يعتبرون أن ما يقومون به إما أنه غير كاف أو متكرر. وهذا مؤسف حقا؛ لأن ما لا يلتفتون إليه هو أن أعمالهم الجزئية أو المتكررة تلك، بالإضافة إلى أهميتها ونُبلِها في ذاتها، قد تمثل حبل نجاة ويَـدَ دعمٍ طويلة بالنسبة للمستفيدين منها.
...
وفي هذا فليتنافس المتنافسون...
وكما تقول الحكمة، فإن مسيرة الألف ميلٍ تبدأ بخطوة واحدة.
حي على العمل!
belahcenfouad@gmail.com

تعليقات