فؤاد بلحسن - افتتاحية: «مبادرة تنشيط العمل المدني»

أو ما العمل؟







قبل سنة ونيف، طرحت، بعد استشارة مجموعة من الأصدقاء المنشغلين بتطوير المدينة، مشروعا كتابــيا ذي علاقة بثقافة وأداء المجتمع المدني على بعض مسؤولي المواقع الإلكترونية المحلية وذلك بهدف العمل سوية على خلق نقاش هادئ في المهام المنتظرة اليوم من المجتمع المدني. وحينما باءت المحاولة الأولى بالفشل؛ لأسباب عدة، أهمها انكباب أغلب المواقع الإخبارية المحلية في تغطية الأخبار السياسية والرياضية أكثر من غيرها؛ دخل هذا المشروع/الفكرة مرحلة كمون نسبي. حينها قمت بخطوة إلى الوراء، فكانت فرصة لتعميق البحث أكثر في الموضوع. والآن، ربما حان الوقت لنقول ما نعتقد أنه ضروري في هذه اللحظة. لأن مناقشة رهانات وآفات وإمكانات المجتمع المدني المحلي باتت أكثر إلحاحية واستعجالية.

ما هي هذه المبادرة؟
«مبادرة تنشيط العمل المدني» هي عبارة عن سلسلة مقالات هدفها حفز وتنشيط العمل المطلوب من نشطاء المجتمع المدني بدرجة أولى، ومن الساكنة والساسة - إذا أردنا توسيع دائرة المسؤولية-، لتطوير واقع العيش داخل مدينة الخميسات؛ عبر عرض ومناقشة مجموعة من الأفكار والمقترحات في مجالات قيم العيش المشترك، الثقافة، الصحة، البيئة، الفن، الاقتصاد التضامني وجمالية المدينة. فالهدف من هذه المبادرة هو: «رسم معالـمَ للممكنِ إنجازه قصد جعل المدينة فضاء للعيش بكرامة».
هي إذن مبادرة تسعى إلى خلق نقاش عملي حول بعض سبل النهوض بالمدينة. وتطمح إلى مساهمة نشطاء المجتمع المدني والساكنة والساسة في تبني وتنزيل بعض الأفكار والمبادرات التي قد تكون مفيدة. سأسعى، بمساعدة ومساهمة مجموعة من الأصدقاء والزملاء في تخصصات شتى، إلى كتابة عشرات المقالات في مواضيع مختلفة تحت إشراف نادي البحث في المدينة - الخميسات. منها على سبيل المثال: العمل الجمعوي، التطوع، العنف، الإدمان، الرياضة، عمل الخير، النظافة، السير والجولان، الشارع العام، التغذية، التشجير، التنزه، فن العيش، الهوايات، القراءة، استعمال تكنلوجيا التواصل، دَور المسنين، دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، الاعتراف، التكريم، الفقر، المدرسة، النقاش العمومي، إلخ). واليد ممدودة للمثقفين والكتاب والأساتذة والمربين وأصحاب المهن الحرة والفنانين لتقديم أفكارهم ومقترحاتهم في صورة مقالات تحت هذا العنوان الكبير «مبادرة تنشيط العمل المدني» عساها تجد من يرعاها داخل مجتمعنا المدني. ورهاننا الأساسي هو تبني الجمعيات المحلية لهذه الأفكار والمقترحات العملية.
فمدينتنا في أزمة حقيقية. في الثقافة والتعمير والاقتصاد والسياسة والأمن والفن. قال ميلتون فريدمان «فقط الأزمة الفعلية أو المفترضة، تُنتِج تغييرا حقيقيا. عند حدوث تلك الأزمة، تَعتمد الإجراءات التي تُــتَّخذ على الأفكار المتوفرة». وإذا استطعنا، عبر هذه المبادرة، أن نوفر ولو القليل من الأفكار التي من شأنها أن تُسهم في فتق جزء من جدار أزمة مدينتنا نكون قد قدمنا شيئا نستطيع أن نحتفي به جميعا لمصلحتنا ككل.
ما العمل؟ نطرح هذا السؤال؛ عبر «مبادرة تنشيط العمل المدني»؛ لنخرج، كساكنة حضرية، من ثقافة الاتكال على الغير واليأس الجماعي وشلل روح العمل وانسداد الأفق. فهناك عمل يجب أن نقوم به جميعا، كلٌّ من موقعه وعلى مسؤوليته ومن منطلق حبه للمدينة.  فلا تتوقف كثيرا هذه المبادرة عند فشل الساسة في تدبير المدينة، بل هي تقفز على هذا النقاش، لتُعانق نقاشا آخرا ينطلق من الإيمان بأن المجتمع المدني يستطيع تحريك المياه الراكدة ويفتح أبوابا جديدة للعمل والأمل.
وسنعمل على أن تجمع سلسلة المقالات التي ستُنشر في هذا الإطار بين الإيجاز وتقديم أفكار واضحة وعرض مقترحات قابلة للتنزيل ميدانيا. هي، إذن، محاولة لتقديم إجابات عملية عن سؤال «ما العمل؟».
وما سنقوم به، هو أننا سنعمل سوية ... فنحن نستطيع!

(*) belahcenfouad@gmail.com

تعليقات